سورة الزمر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


{أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ} قرأ ابن كثير ونافع وحمزة: {أمن} بتخفيف الميم، وقرأ الآخرون بتشديدها، فمن شدد فله وجهان:
أحدهما: أن تكون الميم في {أم} صلة، فيكون معنى الكلام استفهامًا وجوابه محذوفًا مجازه: أمن هو قانت كمن هو غير قانت؟ كقوله: {أفمن شرح الله صدره للإسلام} [الزمر- 22] يعني كمن لم يشرح صدره.
والوجه الآخر: أنه عطف على الاستفهام، مجازه: الذي جعل لله أندادًا خير أمن هو قانت؟ ومن قرأ بالتخفيف فهو ألف استفهام دخلت على من، معناه: أهذا كالذي جعل لله أندادًا؟
وقيل: الألف في {أمن} بمعنى حرف النداء، تقديره: يا من هو قانت، والعرب تنادي بالألف كما تنادي بالياء، فتقول: أبني فلان ويا بني فلان، فيكون معنى الآية: قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار، يا من هو قانت {آنَاءَ اللَّيْلِ} إنك من أهل الجنة، قاله ابن عباس.
وفي رواية عطاء: نزلت في أبي بكر الصديق.
وقال الضحاك: نزلت في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وعن ابن عمر أنها نزلت في عثمان.
وعن الكلبي أنها نزلت في ابن مسعود وعمار وسلمان.
والقانت: المقيم على الطاعة. قال ابن عمر: القنوت: قراءة القرآن وطول القيام، و{آناء الليل}: ساعاته، {سَاجِدًا وَقَائِمًا} يعني: في الصلاة، {يَحْذَرُ الآخِرَةَ} يخاف الآخرة، {وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} يعني: كمن لا يفعل شيئًا من ذلك، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} قيل: {الذين يعلمون} عمار، و{الذين لا يعلمون}: أبو حذيفة المخزومي، {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ}.


{قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} بطاعته واجتناب معصيته، {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا} أي: آمنوا وأحسنوا العمل، {حَسَنَة} يعني: الجنة، قاله مقاتل. وقال السدي: في هذه الدنيا حسنة يعني: الصحة والعافية، {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ} قال ابن عباس: يعني ارتحلوا من مكة. وفيه حث على الهجرة من البلد الذي يظهر فيه المعاصي.
وقيل: نزلت في مهاجري الحبشة.
وقال سعيد بن جبير: من أمر بالمعاصي فليهرب. {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} الذين صبروا على دينهم فلم يتركوه للأذى.
وقيل: نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه، حيث لم يتركوا دينهم لما اشتد بهم البلاء وصبروا وهاجروا.
قال علي رضي الله عنه: كل مطيع يكال له كيلا ويوزن له وزنًا إلا الصابرون، فإنه يحثى لهم حثيًا. ويروى: «يؤتي بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان، ويصب عليهم الأجر صبًا بغير حساب». قال الله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل.


{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} مخلصًا له التوحيد لا أشرك به شيئًا.
{وَأُمِرْتُ لأنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} من هذه الأمة.
{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} وعبدت غيره، {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وهذا حين دعي إلى دين آبائه.
{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} أمر توبيخ وتهديد، كقوله: {اعملوا ما شئتم} [فصلت- 40] {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ} أزواجهم وخدمهم، {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} قال ابن عباس: وذلك أن الله جعل لكل إنسان منزلا في الجنة وأهلا فمن عمل بطاعة الله كان ذلك المنزل والأهل له، ومن عمل بمعصية الله دخل النار، وكان ذلك المنزل والأهل لغيره ممن عمل بطاعة الله. وقيل: خسران النفس بدخول النار، وخسران الأهل بأن يفرق بينه وبين أهله، {أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.
{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ} أطباق سرادقات من النار ودخانها، {وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} فراش ومهاد من نار إلى أن ينتهي إلى القعر، وسمي الأسفل ظللا لأنها ظلل لمن تحتهم نظيرها قوله عز وجل: {لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش} [الأعراف- 41].
{ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}.
{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ} الأوثان {أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ} رجعوا إلى عبادة الله، {لَهُمُ الْبُشْرَى} في الدنيا والجنة في العقبى {فَبَشِّرْ عِبَادِ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8